11/1/2019
الجزيرة نت-لندن
وتعبيرا عن عدم ثقتهم صوت 308 برلمانيين مقابل 297 لصالح تعديل قانوني يجبر الحكومة على تقديم خطة بديلة لخطة الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) خلال ثلاثة أيام عوضا عن 21 يوما التي تحددها التشريعات القائمة في حال رفض أعضاء البرلمان خطة ماي للخروج من الاتحاد والمقرر التصويت عليها في 15 يناير/كانون الثاني الجاري.
ويقرأ من هذا التصويت انعدام ثقة البرلمان مبكرا في خطة ماي قبل عرضها للتصويت، كما أنها إشارة من مجلس العموم -بحسب بعض المراقبين- إلى رفض أغلبية أعضائه الخروج من الاتحاد دون اتفاق، وإصرارهم على ضرورة تقديم الحكومة خطة بديلة بدلا من الخروج دون اتفاق
شراء الوقت
ويرى الأكاديمي والباحث المختص في الشأن البريطاني البروفيسور كامل حواش أن رئيسة الوزراء تحاول إثارة مخاوف البرلمانيين من رفض خطتها بالتهديد بأن البديل سيكون الخروج دون اتفاق، الأمر الذي ترفضه الأغلبية الكبرى من أعضاء البرلمان.
وعن الخيارات المتاحة أمام تيريزا ماي في حال رفض مجلس العموم خطتها يقول حواش للجزيرة نت إن رئيسة الوزراء لن تقبل إذا خسرت التصويت يوم 15 يناير/كانون الثاني الجاري الذهاب لانتخابات عامة كما يطالب حزب العمال المعارض، لكنها ستلجأ -حسب رأيه- إلى تأجيل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي للحصول على مزيد من الوقت للبحث عن حل آخر، الأمر الذي يرى فيه حواش مساعدة مجانية للقوى المؤيدة للبقاء في الاتحاد التي تطالب بإجراءاستفتاء شعبي جديد بشأن العلاقة مع النادي الأوروبي.
ويشير الأكاديمي والباحث إلى أن هناك مخاوف حقيقية متصاعدة من الدخول في فوضى إذا خسرت ماي التصويت أمام البرلمان، وأنه ليس من السهل التنبؤ بما سيحصل مساء الثلاثاء المقبل عند إعلان النتيجة.
وتسود البلاد حالة من الشك والريبة والقلق، إضافة إلى جمود سياسي غير مسبوق بحسب تشخيص زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن الذي يصر على أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الدعوة لانتخابات عامة قبل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتشكيل حكومة عمالية بقيادته تخرج البلاد من هذا المأزق، في حين تضغط القاعدة الشعبية على كوربن بضرورة إيقاف الخروج من الاتحاد، والدعوة لإجراء استفتاء جديد على العلاقة مع أوروبا عوضا عن الذهاب إلى انتخابات عامة.
ارتباك جماعي
من جهته، يدعو الكاتب البريطاني إيان أندرسون للخروج بسرعة مما سماه “الارتباك الجماعي”، وبخصوص السيناريوهات المتوقعة يرى أندرسون في مقاله التحليلي بصحيفة تايمز أن المعطيات تشير إلى أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/آذار المقبل دون أي اتفاق ما لم يتمكن البرلمان من تمرير تشريع يجبر الحكومة على استعمال المادة 50 لإيقاف مغادرة الاتحاد أو إجبارها على التوصل إلى صفقة.
ويعبر الكاتب البريطاني عن رأيه بأن الخيار الواقعي الوحيد يتمثل في دعم صفقة رئيسة الوزراء الحالية مع إجراء بعض التعديلات عليها، أو الحصول على عضوية شبيهة بالنرويج، أما الانتخابات العامة أو الاستفتاء العام فهما خياران برأيه لا يقدمان حلا للأزمة القائمة.
وفي الوقت الذي تستمر فيه التجاذبات السياسية يحذر الاتحاد البريطاني للصناعة من العواقب الاقتصادية الكارثية لخروج بريطانيا دون اتفاق، متوقعا حدوث تقلص في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 8% إذا خرجت لندن من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الأمر الذي سيعرض الآلاف من الوظائف للخطر.
ودعا الاتحاد أعضاء البرلمان لدعم صفقة رئيسة الوزراء بالنظر إلى أنها توفر حلولا اقتصادية لاستمرار عمل الشركات والقطاعات التجارية، إضافة إلى اشتمالها على فترة انتقالية كافية تجنب البلاد “حافة الهاوية”.
وسيعرض الاتفاق الذي توصلت إليه حكومة تيريزا ماي مع القادة الأوروبيين عقب مفاوضات دامت 17 شهرا للتصويت أمام مجلس العموم البريطاني في 15 يناير/كانون الثاني الجاري، لكن كل المؤشرات والدلائل تشير إلى صعوبة إقراره من قبل البرلمان في ظل حالة الانقسام الحاد داخله، وتصاعد الأصوات الشعبية الرافضة للخروج من الاتحاد.
وتساهم في ذلك أيضا حالة الشك والريبة في قدرة رئيسة الوزراء على التوصل لاتفاق منصف مع الاتحاد الأوروبي، خاصة داخل حزبها الذي شهد مؤخرا تصويتا على سحب الثقة منها وعزلها من قيادة الحزب.
المصدر : الجزيرة