حاورني موقع +963 سوريا وأحوالها عن زيارة الشرع لفرنسا بتاريخ ٧/٥/٢٠٢٥
يزور رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع اليوم الأربعاء، العاصمة الفرنسية باريس، في أول زيارة له إلى دولة أوروبية، بعد عدد من الجولات لوفود أوروبية إلى سوريا بينها وزيرا الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، والألمانية أنالينا بيربوك في أعقاب سقوط النظام، جرى التركيز خلالها جميعاً على ضرورة دعم سوريا في المرحلة الانتقالية والعمل على رفع العقوبات عنها، والتأكيد على أهمية الوصول إلى عملية سياسية شاملة لجميع الأطراف والمكونات السورية.
وتأتي الزيارة في أعقاب توترات شهدتها الساحة السورية خلال الأسبوع الماضي، على خلفية اشتباكات مسلحة في مناطق جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وامتدادها إلى محافظة السويداء جنوبي البلاد، وما تخلل ذلك من قصف إسرائيلي لعدد من المواقع في سوريا، و”استياء أوروبي من أعمال العنف الطائفي، وتأثيرها على مسار السلام بالبلاد”.
دعم فرنسي لبناء سوريا الجديدة
الرئاسة الفرنسية قالت في بيان أمس الثلاثاء، إن “الرئيس إيمانويل ماكرون سيستقبل الشرع في باريس الأربعاء، وسيؤكد مجدداً دعم فرنسا لبناء سوريا جديدة حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم كل مكونات المجتمع السوري، وسيكرر مطالبه للحكومة السورية وفي مقدمتها استقرار المنطقة وخاصة لبنان، ومكافحة الإرهاب”، مضيفةً أن “هذا اللقاء يندرج في إطار التزام فرنسا التاريخي تجاه السوريين الذين يتطلعون إلى السلام والديموقراطية”.
ويتوقع، أن تكون ملفات العقوبات الغربية المفروضة على سوريا والسعي من أجل رفعها في إطار محاولة دعم استقرار البلاد اقتصادياً وسياسياً، إلى جانب ملف حماية الأقليات وطريقة تعاطي الحكومة الانتقالية مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، ومحاربة الإرهاب، والوصول إلى عملية سياسية شاملة في سوريا، هي من أبرز القضايا التي سيتم التباحث بشأنها خلال محادثات الشرع وماكرون.
زيارة مهمة
يقول الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية طارق عجيب، المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، إن زيارة الشرع إلى فرنسا هي رسالة مهمة، سيما أن لفرنسا تاريخ عريق وعلاقة مهمة مع دول المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص، كما كان لها حضور منذ سقوط النظام وبداية حكم الإدارة السورية الجديدة من خلال زيارة وزير خارجيتها جان نويل بارو رفقة نظيرته الألمانية إلى دمشق.
ويؤكد، أن “أهمية الزيارة تعتمد على مدى التجاوب السوري مع المطالب التي طرحتها فرنسا سواء بشكل مباشر أو عن طريق مبعوثي الاتحاد الأوروبي، ومدى حصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضمانات على التجاوب مع المطالب الأوروبية”، مشيراً خلال تصريحات لموقع “963+”، إلى أنه “من المتوقع أن يتم طرح القضايا التي ستكون باريس فاعلة فيها أوروبياً كقضية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وسيكون للزيارة انعكاس آني على الأوضاع الداخلية فيها، لناحية ضبط الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها ما تسميها الإدارة الجديدة بالعناصر المنفلتة”.
وكان الرئيس الفرنسي، قد قال بكلمة في ختام مؤتمر باريس بشأن سوريا في شباط/ فبراير الماضي، إن الإدارة الانتقالية السورية تحمل أملاً لجميع السوريين ويجب أن تلقى الدعم الدولي اللازم، مضيفاً أن احترام مكونات الشعب السوري وتحقيق تطلعاتها يساعد في تحقيق الاستقرار بالبلاد، ورأى أن دمج “قسد” بالجيش السوري الجديد يساعد في محاربة “الإرهاب، خاصةً أنها شاركت في هزيمة تنظيم “داعش” وفرنسا لن تتخلى عنها.
ملف الإدارة الذاتية و “قسد”
ويرى عجيب أن “لفرنسا دور مهم ويعول عليه في كيفية التعامل مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) ومناطق شمال شرق سوريا، وإلى أي حد يمكن أن يكون لباريس تأثير على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والإدارة السورية الجديدة، لضبط وتنسيق وتنظيم العلاقة بين الطرفين”.
من جانبه، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي كامل حواش، المقيم في بريطانيا، أنه “من الواضح أن فرنسا تدعم إعادة برمجة النظام السوري ليكون ملتزماً بمسألة سلامة الأقليات، وأن يكون لسوريا دور فعال في المنطقة وسيكون ذلك على طاولة النقاش”، ويقول في تصريحات لـ”963+”، إن “فرنسا تريد أن تسمع من الشرع ماذا سيفعل لتحقيق الاستقرار في سوريا”.
العقوبات الغربية وإسرائيل
يؤكد، أنه “مما شك فيه أنهم سيتحدثون عن العقوبات المفروضة على سوريا وإمكانية رفعها، إلى جانب موضوع تطبيع العلاقات السورية مع إسرائيل، حيث أنه على الأقل لن تقبل فرنسا بأن يكون هناك جماعات تهاجم إسرائيل”، موضحاً أن “فرنسا لاعب قوي بالاتحاد الأوروبي لكن لا يعني ذلك أنها تستطيع إقناع الآخرين برفع العقوبات والتعامل مع الإدارة السورية بطريقة معينة”.
وبشأن ملف قوات سوريا الديموقراطية، يشير حواش، إلى أنه “ليس من الواضح ما تريده فرنسا حول طريقة التعامل معها، لكن من الواضح أن فرنسا لا تؤيد تقسيم سوريا حتى بالنسبة للمناطق التي يشكل فيها الأكراد أغلبية، حيث أن الملف الكردي معقد ويتواجدون بعدة دول كالعراق وسوريا وتركيا، لذلك من المتوقع أن يكون الضغط الفرنسي هو باتجاه معاملة جميع الأقليات بطريقة متساوية ومقبولة”.
وأكدت الحكومة الفرنسية منتصف آذار/ مارس الماضي، أنها ستعارض أي رفع جديد للعقوبات عن سوريا، في حال ظلت الانتهاكات التي ارتكبت في مناطق الساحل السوري دون عقاب، وقال الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الفرنكوفونية، ثاني محمد صويلحي، أمام أعضاء مجلس الشيوخ: “لا شك أننا لن نكون قادرين على قبول رفع العقوبات مرة أخرى، إذا لم تكن لدينا ضمانات بأن الانتهاكات لن تمر دون عقاب”، مضيفاً أن “باريس تدين كل الفظائع المرتكبة ضد المدنيين، أياً كانت طائفتهم وأياً كان مرتكبوها، سواءً كانوا من فلول نظام بشار الأسد، أو مجموعات إرهابية.
ويشدد عجيب، على أن “فرنسا لها صوت مهم لكنه ليس صوت مقرر داخل الاتحاد الأوروبي، حيث أن هناك العديد من الدول الأوروبية التي لا تزال تتحفظ على سياسات وأداء الإدارة السورية الجديدة التي لم تستطع منع أحداث معينة على الأرض، لكن على الرغم من ذلك تبقى الزيارة مهمة لإحداث نوع من الانفتاح أو الانفراج الأوروبي على الإدارة الجديدة”.
ويعتقد أن “ملف قسد والإدارة الذاتية والأكراد، سيكون له مساحة واسعة من النقاش خلال المحادثات بين ماكرون والشرع، على اعتبار أن هناك علاقة قوية بين فرنسا والأكراد وهي تعترف بفضلهم عليها من خلال محاربة تنظيم داعش، كما أنه تربطها بهم علاقة تاريخية وهي تحتضهم منذ عقود طويلة”.
وكان وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية أسعد الشيباني، قد زار في 13 فبراير الماضي، فرنسا وشارك في مؤتمر باريس بشأن سوريا، والتقى نظيره الفرنسي جان نويل بارو وعدد من المسؤولين الأوروبيين والعرب على هامش المؤتمر، وذلك بعد زيارة لبارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد مطلع كانون الأول/ ديسمبر ولقائهما رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع.
وفي أعقاب الأحداث التي شهدها الساحل السوري مطلع مارس الماضي، أبلغ بارو نظيره السوري، بـ”إدانة فرنسا الشديدة لأعمال العنف في الساحل”، وقال: “تحدثت مع وزير الخارجية السوري المؤقت، وعبرت عن قلقنا البالغ وإدانتنا الشديدة للفظائع المرتكبة ضد المدنيين، ومطالبتنا بمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم”.